في الذكرى الـ28 لاستشهاده: "سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون"


سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 68579_660_2010696

البطل المصرى الشرقاوى ---- الشهيد باذن الله سليمان خاطر

كتب : ربيع ممدوح الثلاثاء 07-01-2014 01:00

وصفته الصحف القومية بـ"المجنون"، وقال التقرير النفسي لحالته إنه "مختل نوعًا ما"، وكان السبب المعلن وقتها هو "قتله 7 من الإسرائيليين أثناء خدمته على الحدود"، وتمت إحالته إلى محاكمة عسكرية، وصرح الرئيس المخلوع حسني مبارك آنذاك أنه "في غاية الخجل" بسبب "قيام جندي مصري بفتح النار على مجموعة من الإسرائيليين اخترقوا الحدود المصرية".

سليمان محمد عبد الحميد خاطر، الشرقاوي المصري، الشهير بـ"سليمان خاطر"، ابن قرية أكياد البحرية التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، ولد في عام 1966 لأسرة بسيطة متدينة، وكان هو أصغر إخوته.

في طفولته، وهو ابن 9 أعوام.. شاهد آثار قصف الصهاينة لمدرسة "بحر البقر" الابتدائية المشتركة بمحافظته الشرقية في 8 أبريل سنة 1970، فلم يغادر المشهد ذاكرته.

عقب حصوله على الثانوية العامة، انتسب إلى كلية الحقوق بجامعة الزقازيق، والتحق بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكان مجندًا في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي، وكانت التعليمات الموجهة إليه بألا يترك أحدًا يصعد إلى مكان الخدمة، وعندما فعل.. حاكموه وقالوا عليه "مجنون".

البداية جاءت في إحدى الليالي المظلمة ليوم 5 أكتوبر 1985م، وتحديدًا في النقطة 46 بمدينة نويبع، والتي كان يقف "سليمان خاطر" على حمايتها، رأى أخيلة تتراقص أمامه قادمة نحوه بأعداد كبيرة، وعندما اقتربت منه وجد بينها أجسادًا عارية لنساء ورجال، حتى أصبحت على مدى قريب منه ومن النقطة التي كُلّف بحمايتها ومنع أي أحد من دخولها، صرخ فيهم وطالبهم بالتوقف مخاطبًا إياهم باللغة الإنجليزية، ولكنهم لم يتوقفوا، فأطلق النار في الهواء محذّرًا، ولكنهم زادوا في سخريتهم، فوجه نحوهم نيران رشاشه بعد أن فرغ صبره، وبعد أن رأى بعضهم يبصقون باتجاهه وباتجاه العلم المصري قتل 7 منهم وجرح اثنين.

وعلى الفور، تم تحويل "سليمان خاطر" إلى المحاكمة العسكرية، وفي يوم 22 ديسمبر 1985 أصدرت المحكمة العسكرية العليا في السويس، برئاسة اللواء مصطفى دويدار، وعضوية اللواء محمد خورشيد والعميد محمود عبد العال، حكمها في القضية رقم 142 لعام 1985 جنايات عسكرية السويس، بالسجن المؤبد لـ"سليمان خاطر" مع الأشغال الشاقة.

وبعد أن سمع "سليمان خاطر" نص الحكم، صاح قائلًا: "هذا الحكم ضد مصر، فأنا جندي مصري أديت واجبي"، ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلًا: "روحوا واحرسوا سينا، سليمان مش عايز حراسة، سليمان مات".

وتم ترحيل "سليمان خاطر" إلى السجن الحربي بمدينة نصر في القاهرة، وفي اليوم التاسع لحبسه، وتحديدًا في 7 يناير 1986 بدأ مسلسل الأحداث، إذ تم نقله إلى مستشفى السجن الحربي، وكان السبب الرسمي المعلن لهذا النقل هو "علاجه من مرض البلهارسيا"، والذي أكدت أسرته ورؤساؤه ومرؤوسوه أنه لم يكن مصابًا به، ثم خرجت الصحف القومية فجأة بـ"مانشيتات" تقول "انتحر بعد أن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بـ3 أمتار"، وجاء تقرير الطب الشرعي ليؤكد ما تداولته الصحف.

غير أن قطاعًا كبيرًا من المواطنين شككوا في واقعة الانتحار، قائلين إنه لم ينتحر ولكنه "نُحر"، وخرجت الجموع في مظاهرات تندد بقتله فور الإعلان عن انتحاره، وخرج طلاب الجامعات والمدارس الثانوية مرددين هتافات "الشعب هياخد التار.. الصهيوني ده غدار"، و"سليمان قالها في سينا.. قال مطالبنا وقال أمناينا"، و"سليمان خاطر يا شرقاوي.. دمك فينا هفيضل راوي"، و"سليمان خاطر قالها قوية.. الرصاص حل قضية"، وكانت أجمل الهتافات "سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون"



https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=VBN571rV12Q



سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 1535598_570955906324750_1590708005_n


اقوال الشـــهيـــد سلـــــيمـــان خــــاطـــر في التحقيق وفي محكمة والسجن

يحكي سليمان خاطر ما حدث يوم 5 أكتوبر 1985 من خلال أقواله في محضر التحقيق فيقول: ("كنت علي نقطة مرتفعة من الأرض، وأنا ماسك الخدمة ومعي السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عرى. فقلت لهم "ستوب نو باسينج" بالإنجليزية. ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي. دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها، وده أمر وإلا يبقي خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل اللي تورينا جسمها نعديها. (وذلك في إشارة منه إلى حادثة كانت ما زالت حديثة حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعري على أحد الجنود في سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزي هناك بعد أن ادخلها الشاليه المخصص للوحدة).
قبل أن ينطق المحقق بأمر قال لهم أخيراً .." أمال انتم قلتم ممنوع ليه .. قولوا لنا نسيبهم وإحنا نسيبهم". سأله المحقق: لماذا يا سليمان تصر علي تعمير سلاحك؟
وفى بساطة (ربنا يسامح اللي علمها له) قال .. لأن اللي يحب سلاحه يحب وطنه ودي حاجة معروفة واللي يهمل سلاحه يهمل وطنه.
ـ بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟
ـ الإجابة من أوراق التحقيق .. لأني بحبه زى كلمة مصر تمام

في رسالة من السجن كتب أنه عندما سأله أحد السجناء "بتفكر في إيه"؟ قال : "أفكر في مصر أمي، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمي تتعب وتعمل مثلها، وأقولها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين .. من ترابك .. ودمي من نيلك ، وحين أبكي أتصورها تجلس بجانبي مثل أمي في البيت في كل إجازة تأخذ رأسي في صدرها الحنون، وتقول: «"لا تبكي يا سليمان، أنت فعلت كل ما كنت أنتظره منك يا بني"».
في المحكمة قال سليمان خاطر : «"أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه .. إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم"». عندما صدر الحكم بحبسه 25 عامًا من الأشغال الشاقة المؤبدة قال: «"إن هذا الحكم، هو حكم ضد مصر، لأن جندي مصري أدى واجبه"» ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلاً : «"روحوا واحرسوا سينا.. سليمان مش عايز حراسة"».

سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 1469843_570956076324733_1673049207_n

سليمان خاطر، واسمه بالكامل سليمان محمد عبد الحميد خاطر، ولد عام 1966م، في قرية أكياد البحرية، التابعة لمركز فاقوس، بالشرقية، لأسرة بسيطة متدينة، وكان أصغر أخوته الأربعة، ويرجع ذكر خاطر إلى حادثة شهيرة وقعت في الخامس من أكتوبر عام 1985م، أسفرت عن مصرع 7 إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين، وانتهت بإعلان "انتحار" خاطر في محبسه عقب الحكم عليه بالسجن المؤبد. ونتتبع خلال السطور التالية قصة الشاب سليمان خاطر الذي رحل عن 19 عاما.

تفتح وعي الطفل سليمان خاطر وإداركه وجزء عزيز من أرض مصر مع أجزاء أخرى من الأرض العربية خاضعة للاحتلال الإسرائيلي الذي وقع ولم يتعد عمر خاطر عاما واحدا، وفي العام 1970م، عاصر الطفل سليمان خاطر وهو ابن 9 سنين حادثة قصف إسرائيل الإجرامي لمدرسة بحر البقر الابتدائية في محافظته "الشرقية"، وهو القصف الذي أسفر عن استشهاد 30 طفلا في عمر خاطر نفسه.

أكمل خاطر دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية، وحصل على شهادة الثانوية العامة، والتحق خاطر بالخدمة العسكرية الإلزامية، ليصبح مجندا في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي، وخلالها انتسب لكلية الحقوق بجامعة الزقازيق.

سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 2013-634931817431449769-144

وخلال فترة خدمته العسكرية، وتحديدا في يوم 5 أكتوبر 1985م، وفي نقطة المراقبة رقم 46 على الحدود الشرقية لمصر، وتضمن مراقبة منطقة صخرية وعرة من الحدود، وفي نوبة حراسته، وكان عمره آنذاك 19عاما فقط، يروي خاطر ما حدث كما جاء في محضر تحقيقات النيابة العسكرية معه فيما بعد:" كنت علي نقطة مرتفعة من الأرض، وأنا ماسك الخدمة ومعي السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عرى. فقلت لهم "توقفوا ممنوع المرور" بالإنجليزية. ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي. دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها، وده أمر وإلا يبقي خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل اللي تورينا جسمها نعديها، وأضاف خاطر:" أمال أنتم قلتم ممنوع ليه..قولوا لنا نسيبهم وإحنا نسيبهم".

سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 2013-634931817430981766-98

وجاء في محضر التحقيق كذلك، أن المحقق سأل خاطر: "لماذا يا سليمان تصر علي تعمير سلاحك؟"، فأجاب خاطر: "لأن اللي يحب سلاحه يحب وطنه ودي حاجة معروفة واللي يهمل سلاحه يهمل وطنه"، ويعود المحقق ليسأل خاطر مجددا: "بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟"، ويجيب خاطر: "لأني بحبه زى كلمة مصر تمام".

لم يستجب الإسرائيليون لنداء خاطر، فكان أن فتح عليهم نيران سلاحه ليقتل 7 منهم ويصيب اثنين آخرين، ثم يسلم نفسه لقيادة وحدته، ليتم تحويله لمحاكمة عسكرية بقرار جمهوري، رغم أنه مدني، وكان في أثناء خدمته تابعا للأمن المركزي التابع بدوره لوزارة الداخلية، وكان يقضي فترة تجنيده، وقد قام دفاع خاطر بالطعن في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام محكمة مدنية، وبالطبع تم رفض الطعن.

وقال التقرير النفسي الذي صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث أنه "مختل نوعا ما"، والسبب أن "الظلام كان يحول مخاوفه إلي أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش فيفزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش في قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة في الليل وهي في طريقها إليه".

سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 2013-634931835648778546-877

وعلى الرغم من ذلك، أصدرت المحكمة العسكرية العليا في السويس والتي تشكلت من اللواء مصطفى دويدار "رئيساً"، واللواء محمد خورشيد والعميد محمود عبد العال، عضوين، والمقدم يحيى قاسم حسن ممثلاً للادعاء، في 22/12/1985م، حكمها بالقضية رقم 142 لعام 1985 جنايات عسكرية السويس، بالسجن المؤبد على سليمان خاطر مع الأشغال الشاقة.

وما أن سمع خاطر الحكم حتى صاح قائلا:"هذا الحكم، هو حكم ضد مصر، لأن جندي مصري أدى واجبه"، ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلا: "روحوا واحرسوا سينا، سليمان مش عايز حراسة، سليمان مات".

ونقل عن سليمان قوله:"أنا لا أخشي الموت ولا أرهبه.. فهو قضاء الله وقدره، لكنني أخشي أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة علي زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم".

عقب صدور الحكم على خاطر تم ترحيله إلي السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة، وهناك وفي اليوم التاسع لحبسه وتحديدا في 7 يناير 1986م، وفي داخل زنـزانته الإنفرادية في السجن الحربي، أعلن عن انتحار سليمان خاطر الذي لقب ببطل سيناء.

وقد أثار النبأ غضب الآلاف من المصريين والعرب، وخرجت مسيرات تطالب بالثأر والقصاص، وتؤكد أن خاطر تم اغتياله، ولم ينتحر، وقد جاء خبر "انتحار" في أسفل الصفحة الأولى لعدد الأهرام الصادر في 8 يناير 1986م، وجاء تقرير أعده "القسم العلمي" بالأهرام ناقش خلاله ما وصفه بـ"4 احتمالات لعملية الانتحار"، وذلك وفق آراء عدد من أطباء النفس.

وعلى الرغم من مرور 27 عاما على الحادثة يبقى المرجع لدى معظم المصريين أن سليمان تم اغتياله، ولم ينتحر، وأنه جسد ثورة المصري لكرامته، ويعود المصريون ليقارنوا من آن لآخر ما بين رد فعل إسرائيل على سقوط قتلاها، ورد "مصر" على سقوط شهدائها على الحدود منذ توقيع اتفاقية السلام وحتى اليوم.

سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون 2013-634931835649402550-940