قصة - السجان المسخ " أبو إبرة " :
====================
رغم أنه ليس أكثر من مسخ جبان إلا أن صوته وهو ينادي علينا كان يجعل الكثيرين يبولون على أنفسهم لا إراديا..
لم يكونوا جبناء أبدا … لكن أجسادنا ترفض تقبل الموت بأي شكل …في فرع المخابرات الجوية كنت معلقا بالسقف “مشبوحا” للمرة الثالثه وعلى وقع خطوات المساعد أبو إبره كما يسمونه يتشاهد البعض ممن يتوقعون أنه سيأخذهم معه للموت .. يحقنهم بالطابق السفلي هو والمسوخ الذين معه بإبر هواء في رقبتهم من الخلف أحد أعضاء السخره قال لي أحيانا منحط بالإبر مازوط وكان يضحك
البارحة طلبوني للتحقيق ومنذ ذاك الوقت وأنا معصوب العينين لا أرى شيء … والمفارقة أن المساعد أبو إبره هو من رفع عن عيناي القماشة السوداء , نظر بعيناي وقال هادا أنت يا محامي الكلب لك مو مبارح لعنت ربك عند سيادة النقيب لك لسا ما فطست ولا شو كان اسمك ولاك عرصا .
اسمي وائل الزهراوي سيدي .
فضربني بالكبل قال لا مو صحي اسمك محامي الكلب فهمت قول لشوف فقلت انا المحامي الكلب سيدي فضحك ..
عذبوني لدرجة الإغماء عدة مرات ليلة البارحة كنت أبكي وأتوسل وألعن جسدي الذي يجعلني ضعيفا إلى هذا الحد بعد ساعة على بدء التحقيق توقف الضرب ورفعوا الدولاب من رجلي .. سمعت صوت واحد منهم دخل الغرفة وقال : ليك سيدي ليك مرت ثواني ثم سمعت عويلا كأنه عويل أهل القبور وانفجر الجميع يضحكون ..
كانوا يأتون بمعتقل ويعلقون عليه عشرات أكياس النايلو التي بللوها بالبنزين ثم يشعلونها ويفكون له يداه فيبدأ المسكين وهو معصوب العينين بإطفاء النار التي تأكل جسده فيحرق يداه بالنايلون فيرقص محترقا من الألم وهم يضحكون نعم كانو يضحكون يا إلهي كانو يضحكون .
صفعني أبو إبره ولم يأخذني معه للموت تركني معلقا بحزني لأخر العمر
اختار ثلاثة منا لديه أسماؤهم ,,,, واحد منهم صار يبكي بكاءا غريبا ويذكر أسماء أطفاله اذكره وهو يقول يا سحر يا محمد إلكن الله يا روحي إلكن الله .
الذي لازلت أذكر تماما ذاك الرجل الذي كان قبلي شعره الأبيض كان مختلطا بلون دمه وهو معصوب العينين رأيته قبل أن يعلقوني البارحه للحظه أمامي ...
ضربني أحدهم على وجهي فأزاح القماشة السوداء فلمحته قبل أن يعيدها على عيناي
بعد ذهاب أبو إبره أدخلوا اثنان وعلقوهما أحدهم كان مخدرا لا يشعر بشيء والثاني كان معصوب العينان ودمه مشى على كل جسده حتى صنع بقعة تحته
بعد ساعتين أتى المساعد ليمرر قارورة الماء على شفاهنا كي لا نموت فالموت هم من يختارون متى وكيف وأين يتم .
بعد أن غادر المساعد الغرفة صحي قليلا ذاك الشاب الذي كان مخدرا قبل ساعات وبدأ يلتفت لم أكن أستطيع رؤية وجهه وهو معلق كان في زاوية لا أراها لكني بدأت أسمع ذاك الصوت الذي كلما تذكرته هزمني ارتجاف أصابعي ولم اعد أرى الحروف وهي تتوارى خلف الدموع كان يقول بصوت خافت
_ يا بي يا بي .. ابي باللهجة الشامية يا بي ابي  يا بي
كنت أظن أنه يهذي لكن الحقيقة غير ذلك تماما الحقيقة أمر بكثير 
لقد كان ذاك الرجل السبعيني المعلق والده .
بقي ذاك الشاب أكثر من ساعتين وهو يقول يا بي ويبكي ويعيد الكلمة ذاتها أبي يا بي 
- صحي والده مساءا وبدأ يحرك رأسه والشاب لا زال يقول يا بي يا بي وبدأ يلتفت باتجاه الصوت وهو معصوب العينين وقال مين حسن حسن عرف ولده من صوته ..
انت هون حسن ويحاول ان يلتفت باتجاه صوت ولده وأنا أراه وهو لا يراني .
استمر الشاب بقوله يا بي فرد عليه ابوه المعلق والمضرج بدمه حسن يا ابني انت هون كان يحرك رأسه وهو لا يرى شيء يحاول أن ينصت باتجاه صوت ولده .
الأكثر ألما أني كنت أرى وجه الشاب من خلال انعكاس صورته ببقعة الدم التي نزفها الشاب المقابل معه الذي ادخلوه معه كنت ارى من خلال الدم كي يبكي الوطن بأكمله هناك .
_ ياحسن يا ابني وبدأ يبكي ويقول يا حسن شلون أمك وخواتك يا ابني والشاب يبكي .
ويقول ما بعرف يا بي ما بعرف انا بعدك بيوم اجو اخدوني يا بي بس كنت عند الأمن العسكري يا بي وبعدين جيت لهون يا روحي انت يا بي
- انت اللي روحي يا حسن يا عيوني انت يا حسن ما بتعرف شي عن امك وخواتك يا ابني 
_ لا ما بعرف يا بي شلونك يا بي يا بي شبك يا بي ليش هيك رجلك ورمانه يا بي يا بي خلي يعدموني ويطالعوك يا بي اه يا بي اه 
_
حسن يا ابني انا رح موت يابني دير بالك عأمك وخواتك يا بي الله يرضى عليكن كلكن .
وعلى أثر كلمته الله يرضى عليكن انفجرت بالبكاء لم اعد احتمل حسن وأبوه ذبحاني من الوريد إلى الوريد بعد ساعات أتى المساعد وأمسك الكبل وضرب أبو حسن على بطنه وحسن يصرخ عدموني وطالعو ابي عدموني وطالعو ابي .
رد عليه السجان والله لأحطك إنت وهالعرصا ابن الشرموطة ابوك بنفس القبر يا ابن الشلكّة ، وقف راجعلك . وفك أبو حسن فوقع على الأرض وجروه اثنان منهم وهو يخرج أصواتا لم اعد أدركها ولم أرى أبو حسن بعدها وجروني في اليوم الثاني للزنزانة وحسن بقي معلقا ينادي علي أبوه الذي التهمته وحوش هذا الزمن
أنا المحامي الكلب كما سماني أبو إبره … لم أكن يوما محاميا لكني لأجل العدالة درست الحقوق .
الحقوق التي صار يراها المواطن السوري منة وفضلا من أولئك المسوخ الذين يمثلون قبح هذا العالم .
الحقوق التي افتتحنا بها نحن السوريين أول معهد قضائي في العالم قبل التاريخ .
نحن السوريين من كنا وسنبقى سادة المعرفة وضوء الحقيقة ومناط العطاء و رسل الكبرياء ورحم الرجولة وصناع التاريخ سنهزم حفنة الحقد هذه سنهزم ثلة الإجرام ممن اتفقوا على تسمية أنفسهم نظاما كل مواهبه أن يجرب جميع أنواع الموت بأهل وطنه وبلده .
سننتصر ولو بعد حين .